[center]بسم الله الرحمن والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهدية واستن بسنته إلى يوم الدين أما بعد:
النبي عليه الصلاة والسلام أحب الناس إلينا "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولديه وولده والناس أجمعين" كان أحسن الناس خلقا وأرحم الخلق بالخلق بل الله جل وعلا وصفه عليه الصلاة والسلام وصف لسانه فقال: {ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى}(النجم:3-4) وصف عينيه فقال {مازاغ البصر وما طغى}(النجم:17) وصف قلبه فقال {ما كذب الفؤاد ما رأى}(النجم:11) وصفه كله فقال {وإنك لعلى خلق عظيم}(القلم:4).
أي نبي هذا إنه سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر بأبي هو وأمي، يذهب إلى الطائف فيتبعونه بالحجارة فتسيل قدماه دما فينظر إليها ويقول "ما أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت"، ويأتيه ملك الجبال فيقول مرني يا رسول الله أطبق عليهم الأخشبين تنتهي من قريش كلها، آذتك وعذبتك وقتلت أصحابك وطردت أحبابك مرني فلأطبق عليهم الأخشبين، قال: "لا.. أرجو أن يخرج الله من أصلابهم ـ إذا ما آمنوا أولادهم يؤمنون إذا ما آمن أحفادهم يؤمنون ـ من يعبد الله لا يشرك به شيئا"، {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}(الانبياء:107).
هذا هو النبي عليه الصلاة والسلام، يوم من الأيام وهو ساجد ألقوا على ظهرة سلا الجذور، كان محتسبا صابرا يبلغ دين الله عز وجل لا يكل ولا يمل، قام على الصفا فقال أيها الناس إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقام أبو لهب فقال تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا، ما مل وما كل، يفتح الخيمة لوفد الحج ليقول لهم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، من يؤيني أبلغ دعوة ربي فإن قريشًا منعتني أبلغ دعوة ربي.. وخلفه عمه أبو لهب يحفي التراب على وجهه ويقول للناس لا عليكم منه انه ابن أخي إنه مجنون.
صبر احتسب وجاهد في سبيل الله وكان شعاره {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين} (يوسف:108)ومع هذا كان صابرا محتسبا وأيضا رحيما بالناس.
يوم من الأيام كان في ظل شجرة نائما عليه الصلاة والسلام فجاء رجل يتسلل (أحد المشركين) فرأى النبي وحده نائمًا وكان السيف معلقا على الشجرة، فجاء الرجل فأخذ السيف والنبي نائم عليه الصلاة والسلام فسحب السيف والنبي نائم عليه الصلاة والسلام والمشرك على رأسه ورفع السيف لم يبق إلا أن ينزل السيف فيقتل النبي عليه الصلاة والسلام، فقال الرجل المشرك من يمنعك الآن مني يا محمد؟ من الآن يمنعك؟ لا أصحاب لا جيش لا سلاح لا قوة ضربة وينتهي كل شيء، فقال عليه الصلاة والسلام بكل هدوء وبكل ثقة: يمنعنى منك الله عز وجل، فاهتز السيف بيد الرجل وسقط فأخذ النبي السيف والرجل خائف فقام النبي على رأسه والرجل خائف ويرتعد فقال النبي عليه الصلاة والسلام من يمنعك أنت الآن مني؟ قال عفوك وصفحك يا محمد.. قال النبي اذهب فقد عفوت عنك {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}(الانبياء:107).
ادخل إلى بيته ماذا ترى؟ شهران لا يوقد في بيته نار ما عنده شيئًا يأكله، يجوع فيربط صخرتين على بطنه عليه الصلاة والسلام، بل انظر إليه ماذا يفعل مع زوجاته؟ كان يداعب أهله وكان يمازحهم عليه الصلاة والسلام كان يقول لأصحابه: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي.
يجلس في البيت يخصف نعله ويرقع ثوبه ويكون في خدمة أهله تقول عائشة إذا أذن المؤذن كأنه لا يعرفنا، كان أحيانا يجتمع مع زوجاته كلهن على العشاء تأتي كل امرأة بعشائها فيجلسوا في بيت واحد فإذا انتهين من العشاء يحدثهن ويسامرهن تذهب كل امرأة إلى بيتها، كان يقول لأصحابه خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي..
في سفرة من السفرات ـ وكان عادلا مع زوجاته ـ في كل سفرة يقرع مع زوجاته قرعة فإذا خرجت القرعة على فلانة يخرج معها مع أم سلمة ما عائشة مع جويرة يخرج معها قرعة يعدل بينهن.
في إحدى السفرات كان مع عائشة كان يحبها حبا جما أمر أصحابه أن يسبقوه، فبقي هو مع زوجاته وحدهما فقال لعائشة تسابقيني؟ قالت: نعم.. تخيلوا عمره قارب الستين سنة ويتسابق مع زوجته سباق فتركض عائشة ويركض هو عليه الصلاة والسلام فكانت أحيانا تسبقه وكان أحيانا يسبقها فكان يقول لها هذه بتلك.
{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}(التوبة:128).
عنده خادم اسمه أنس، أنس رضي الله عنه خدم النبي 9 سنوات، شوف ماذا نفعل مع خادمنا وماذا يفعل النبي مع خدمه، يقول: خدمته 9 سنين والله ما قهرني ولا نهرني ولا قال لي في يوم من الأيام لشيء فعلته لم فعلته ولا لشيء لم أفعله لم لم تفعله؟ في حياته أبدا ما فعل هذا، قال وما مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله عليه الصلاة والسلام، {وما أرسلناك إلى رحمة للعالمين}(الانبياء:107).
تقول عائشة، فإذا جاء الليل قام وصلى ويبكي بأبي هو وأمي يبكي هو في الليل وفي بكاؤه أزيز مثل أزيز المرجل، يبكي عليه الصلاة والسلام ويطيل السجود ويطيل القيام حتى تتفطر قدماه.
كانت عنده جارية بنت صغيرة تأخذ يده تريد منه حاجة عليه الصلاة والسلام تريد أمرا أن يقضيه لها عليه الصلاة والسلام فتذهب به حيث شاءت، تمسك يد النبي وتذهب به حيث شاءت بنت صغيرة ويذهب معها لا يردها حتى يقضى لها حاجتها.
{وإنك لعلى خلق عظيم}(القلم:4) يقول أنس خادمه: كان إذا مر على الصبيان الصغار (اليوم الواحد منا يمر على رجال ما يسلم يمر على مجموعة من الرجال لا يسلم عليها) كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا مر على الصبيان سلم عليهم، تواضع ولين ورحمة.
من أشد الناس عداوة له؟ اليهود أليس كذلك.. آذوه، حاربوه، مكروا به، خدعوه.. سمع أن جارًا له يهودي مريض.. هل يقول كما يقول بعض الناس الحمد لله يموت إن شاء الله يموت ونخلص منه.. عدو من أعدائه أسرع إليه يزوره.. مَن.. أفضل الخلق يزور من.. يهودي مريض.. آذاه لكنه عاده لما مرض.. طرق الباب واستأذن ودخل فجلس عنده عليه الصلاة والسلام، تخيلوا المريض يهودي وعند اليهودي هذا الشاب أبوه شيخ كبير يهودي أكبر.. والنبي صلى الله عليه وسلم جالس عنده يزوره فاستغل الفرصه عليه الصلاة والسلام فقال أما آن لك أن تسلم أن تدخل في الدين أن تشهد الشهادتين.. الشاب ما قبل لكنه نظر إلى أبيه ماذا يقول أبي أفعل واليهود يعرفون الرسول أنه رسول الله حقا، يعرفون كما يعرفون أبنائهم.. بل كانو ينتظرونه قبل خروجه عليه الصلاة والسلام ما آمنوا به كبرًا وحسدًا لأنه ما خرج منهم.. هذا الأب الآن ماذا يقول هو كافر هو يهودي لكنه رحم ابنه وما رحم نفسه هذا الأب اليهودي نظر إلى ابنه فقال يا بني أطع أبا القاسم، فقال الشاب: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فما مرت ساعة إلا ومات الشاب.
فخرج النبي ووجهه متهلل مستبشر ويقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار بي الحمد لله الذي أنقذه من النار بي الحمد لله الذي أنقذه من النار بي..
كما قال الله عنه {فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا} (الكهف:6)أي كأنك قاتل نفسك للناس حتى يؤمنوا بهذا الدين.. لما تفعل هذا بنفسك يا رسول الله تقتل نفسك من أجل الناس حتى يدخلوا في دين الله عز وجل.. نعم.. نعم وأكثر من هذا.. عاش كل حياته من أجل من؟ من أجل الناس...
انظروا لعائشة رضي الله عنها تُسأل لما كانت صلاته آخر حياته جارية عليه الصلاة والسلام، تقول مما حطمه الناس مما حطمه الناس.
هل كان هذا النبي يضحك؟ نعم كان يضحك عليه الصلاة والسلام.
هل كان يمزح؟ نعم كان يمزح لم هذا العبوس، لما هذا التقطيب في الوجه، هل يعني أنك التزمت أنك لا تضحك.. لا.. كان يضحك عليه الصلاة والسلام وكان كثير الابتسام بل كان يمزح ولا يقول إلا حقا.. وكان أصحابه عنده يجلسون يضحكون وكان يجلس معهم يبتسم.. يقول أحد الصحابة والله ما رآني عليه الصلاة والسلام إلا مبتسما، الله أكبر انظروا إلى أخلاقه انظروا إلى تعامله مع الناس، كان يداعب عائشة وكان يغتسل مع أحد زوجاته في إناء واحد فيه ماء، وكان عليه الصلاة والسلام يقول: استوصوا بالنساء خيرا استوصوا بالنساء خيرا استوصوا بالنساء خيرا..
كان هناك طفل يداعبه النبي عليه الصلاة والسلام الذي يحمل هم الأمة الجهاد في سبيل الله كان يحمل هم الأمة وكان يداعب الأطفال، وكان أحيانًا يصلي ويحمل الطفل على يديه، وجاء طفل في حضنه عليه الصلاة والسلام فبال عليه فلم يقل شيئًا عليه الصلاة والسلام.
جاء لطفل صغير كناه النبي فقال له يا أبا عمير يسمي طفلا يا أبا عمير.. ما فعل النغير (طائر كان للطفل) يسأل النبي عليه الصلاة والسلام طفلا عن طائر كان لديه: يا أبا عمير ما فعل النغير.. الله أكبر.. انظر لأدبه عليه الصلاة والسلام وإلى أخلاقه.
كان متواضعا لا يرضى لأحد من الناس أن يقوم له، كان يقول: من أحب أن يتمثل الناس له قياما فليتبوأ مقعده من النار، كان ملك الفرس يجلس والناس قائمون عند رأسه فما كان النبي يحب هذا، كان يجلس مع الناس حيث ينتهي به المجلس إذا رأى فرجة يجلس بينهم.. بل أحيانا كان يأتي الوفود والرسل يأتون إليه يسألون أين رسولكم بين الصحابة لا يدرون عنه من تواضعه عليه الصلاة والسلام ومن أدبه ومن خلقه {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}.(التوبة:128)
كان أشجع الناس عليه الصلاة والسلام، يقول الصحابة إذا حمي الوطيس احتمينا به. في حنين من بقي؟ بقي هو ومجموعة من أصحابه وأكثر الصحابة تراجعوا بقي هو.. وهو يتقدم عليه الصلاة والسلام ويقول أنا النبي لا كذب أنا بن عبد المطلب أنا النبي لا كذب أنا بن عبد المطلب.. أشجع الناس.
يوم من الأيام حدث صوت عظيم بالمدينة رجة يقول الصحابة خرجنا فذهبوا باتجاه الصوت فوجدوا النبي راجع، النبي سبق الصحابة كلهم عندما سمع الصوت ذهب بمفرده يتبين الخبر وينظر الصوت تبين الأمر ورجع، والصحابة بالتو خرجوا.. قال للصحابة: لا تراعوا لا تراعوا.. لا تخافوا أمر بسيط لم يحصل شيء، من هو إنه النبي عليه الصلاة والسلام.
لما أحس الصحابة أنه مات في أحد بكوا جلسوا حتى إن بعضهم وضع سلاحه وجلس {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين}(ال عمران:144)
في فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة مضى على دعوته إحدى وعشرين سنة تقريبا فتح النبي مكة ودخل الكعبة وامتلأ المسجد بالمشركين في أهل مكة وقال النبي من دخل المسجد فهو أمن، فاجتمع الناس في مكة فهم خائفين.. سينتقم منهم النبي عليه الصلاة والسلام هذا وقته، 21 سنة يعذبونه من بداية البعثة قالوا له تبا لك سائر اليوم، عذبوه جلدوا أصحابه ضربوه كادوا له جوعوه شهورا وسنوات، طردوه إلى المدينة جاؤوا إلى المدينة لحربه وقتاله وقتلوا أفضل الناس وأحب الناس إليه... ومع هذا الآن هو المنتصر خرج من الكعبة بعد أن صلى ركعتين في داخل الكعبة وكبر في زواياها وكسر الأصنام التي بها وأزال الصور، ثم خرج من الكعبة الآن وكل المشركين ينتظرونه كيف سيعاقبهم كيف سينتقم الآن هذا وقته الآن خرج واستقبلهم ومسك بعضادتي باب الكعبة والآن أثنى على الله وحمد الله وقال للناس ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ ماذا سيفعل لو كان كأي ملك كان سينتقم سيقتل أو سيعاقب على الأقل.. قالوا:أخ كريم وابن أخ كريم.. قال: فاذهبوا فأنتم الطلقاء {لا تثريب عليكم اليوم}(يوسف:92) أي لن أتكلم عليكم ولن يتكلم عليكم أحد اليوم، أخلاق قمة التواضع قمة الخلق قمة العفو والصفح انظر كيف كان يتعامل مع زوجاته مع الأطفال مع أبناء المسلمين مع حتى مع أعداء الإسلام، انظر كيف كان يتعامل معهم عليه الصلاة والسلام وكان أرحم الخلق بالخلق، صدق الذي قال عنه: {وما أرسلناك إلى رحمة للعالمين}(الانبياء:107)
ندعوا الله دوما أن يجمعنا وإياه عليه الصلاة والسلام وأن يسقينا من حوضه وأن يجمعنا به في جنة عرضها السموات والأرض... نعم لأنه من أطاع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين نعم وليس هذا على الله ببعيد.. ربما نجلس معه إن تأسينا به واتبعنا سنته ورضينا به في منهجه عليه الصلاة والسلام لعل الله يجمعنا وإياه.